قالت بدموع الحرقة والأسى: يا ولدي ما ربيتك لهذه وإنما والله ربيتك للحور العين!
هكذا تكون التربية..
ذكرت لي إحدى الأخوات هذه القصة العجيبة حيث ذكرت أنها هي التي وقفت على فصولها.. حيث تقول:
قمت في يوم من الأيام بإلقاء محاضرة في مجمع نسائي وكان موضوع هذه المحاضرة عن (تربية الأبناء)
وما إن انتهيت من هذه المحاضرة حتى تقدمت إليّ امرأة في حدود الأربعين من عمرها فأثنت ودعت لي بخير ثم قالت: سأروي لكِ قصتي مع ابني لعل فيها العظة والعبرة..
فقلت لها هاتي ما عندكِ يا أخية.. فقد استأنست لحديثها واستعذبته، فقد أحسستُ أنها تحمل في قلبها خيراً كثيرا وأحمد الله أن الله لم يخيب ظني فيها.. ولعلكم تلحظون هذا من خلال قصتها حيث قالت:
لي ولد شاب حرصت على تربيته التربية الصالحة واجتهدت في ذلك.. ووالله الذي لا إله إلا هو لم أفكر في يوم من الأيام أن أربيه ليخدمني بالذهاب والمجيء وإن كنت أفرح له بذلك حملاً له على البر ليؤجر على ذلك، وإنما كنت أربيه لأمة الإسلام ليخدمها في أي مكان ولو كلفني ذلك روحه التي أحبها أشد ما يكون الحب!.. شبّ على ذلك بحمد الله تعالى.. ولكن صوارف الزمن وفتن الشهوات تقلب الأولاد بين عشية وضحاها، رفعت سماعة الهاتف في يوم من الأيام وإذا به يتحدث مع فتاة.. إلهي كم تمنيت أن الأرض قد ابتلعتني قبل أن أقف هذا الموقف! فناديت ربي بقلب مكروب وقلت( إلهي لم أربيه لذلك فأقر عيني بصلاحه) ثم ذهبت إليه فوراً وقلت له وقد سبقتني دمعتي: ( يا ولدي ما ربيتك لهذه وإنما والله ربيتك للحور العين).. ويعلم الله ما في قلبي من الحرقة وأنا أحدثه بذلك حتى اطمأن قلبي ثقة بالله على عدم عودته إلى ذلك مرة أخرى.. اتصلت الفتاة مرة أخرى، نهرها ثم أغلق السماعة وأطرق برأسه..
أحسست بعدها بتعلقه بالمسجد والقرآن.. حتى دخل عليّ في يوم من الأيام والله إنني أعتبر هذا اليوم من أسعد أيامي فقال: يا أمي أريد الجهاد..
فقلت الله أكبر أي بني والله ما ربيتك إلا لمثل هذا..
ثم قالت: قد تستغربين من قصتي مع ولدي أخية وقد تظنين أني لا أحبه! ووالله لا أصف محبتي له إلا كما قال أبو كلاب لعمر لما قال له عمر وقد غاب عنه ابنه: يا أبا كلاب ما أحب الأشياء إليك اليوم؟
قال: ما أحب اليوم شيئا ما أفرح بخير، ولا يسوؤني شر
فقال عمر: يا كلاب ما أحب الأشياء إليك اليوم؟
قال: بلى، كلاب ابني أحب أنه عندي فأشمه وأضمه ضمةً قبل أن أموت، فبكى عمر وقال: ستبلغ ما تحب إن شاء الله تعالى .
والله يا أخية أنني أحبه حباً جما ولكن الإسلام عندي أحب منه.. دفعته لأرض الجهاد وما زال فيها.. ووالله يا أخية إني لأحب أن أشمّه وأضمه ضمة ولكن بعد أن أموت وألقاه في الجنة بإذن الله..
إنني يا أخية مع حبي له لا أعرف بماذا أكافئ من يبشرني باستشهاده.. إي والله هذا هو ما أأمل.. والده شفقة عليه قطع عنه المصروف الذي كان يرسله إليه طمعاً في رجوعه!.. فتأملت ذهباً عندي وقلت لها يا نفس أدركي الجهاد بالمال على أقل الأحوال..قمت ببيع ذهبي وكان كثيراً وأنا أقوم بين الفينة والأخرى لإرسال ما يسد حاجته..
ثم قالت وهي ذاهبة: هذا صنيعي مع ولدي البكر وأنا أعد إخوانه البقية لهذا الموقف وأسأل الله أن يعوضني خيرا..
تقول هذه الأخت المحاضرة: تسمرت في مكاني وأنا أعجب من صنيعها وقلت في نفسي هذا هو ما تحتاجه الأمة ثم حارت العبارات من فمي..!
قلت( على لسان الشيخ) وأنا قد حارت العبارات في فمي..
موقع طريق الدعوة