عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا
وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما."رواه
البخاري.
المفردات :كافل
: من كفل : أعال .اليتيم :فاقد أحد الأبوين أو كلاهما.السبابة والوسطى:من الأصابع .
أقوال العلماء :
قال ابن بطال : حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه
وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك .
قال الحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكافل اليتيم
قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى .
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله
بجامعة القدس بفلسطين-:
كفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية
قال الله تعالى: (
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ
فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ
وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ
عَلِيمٌ ) سورة البقرة الآية 215.
المعنى العام :
تمر
على الناس في هذه الحياة الدنيا من المصائب ما ينبغي للمسلمين أن
يتآزروا
ويتضامنوا بينهم ومن جملتها الحروب وما تخلفه من أضرار وهموم تعود
سلبا
على الأفراد والمجتمعات ، وكم مات في هذه الحروب من رجال تركوا من
خلفهم
ذرية ضعافا لا يقوون على تحمل أعباء الحياة الدنيا .
أو قد تبتلى أسرة من أسر المسلمين بموت من يقوم على شؤونها فيبقى
الأبناء
من بعده يتجرعون مرارة الحياة خاصة في عصرنا الذي توالت فيه المحن
والفتن
كقطع من الليل مظلما ، حتى أصبح كل واحد لا يفكر إلا في خميصة نفسه .
فالإسلام بتعاليمه الربانية التي لا تغفل عن مثقال ذرة يتوجه بالنصح
والإرشاد لأولياء الأمور ابتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بالقيام
بواجبهم الذي حملهم به الباري سبحانه وتعالى تجاه اليتامى بالرعاية
والحفظ
وعدم النهر والقهر والزجر .
ومن صور الوعيد الذي تقشعر له الأبدان ما جاء في أكل مال اليتيم ظلما
وعدوانا قال القهار
:" إِنَّ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً "النساء10.
إن
الذين يعْتَدون على أموال اليتامى, فيأخذونها بغير حق, إنما يأكلون
نارًا
تتأجّج في بطونهم يوم القيامة, وسيدخلون نارا يقاسون حرَّها.
والنبي صلى الله عليه وسلم عاش يتيم الأبوين وذاق مرارة اليتم وقد نزل
ذكر ذلك في كتاب الله تعالى فقال سبحانه :" أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى "الضحى6. وهذا
للدلالة على أن أمر اليتم عظيم لذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى
كفالة الأيتام ورعاية حقوقهم بل ويرغب في ذلك بأن جعل فيه من التواب
ما
يتنافس لأجله المتنافسون ، وهل هناك أعظم من مرافقة النبي صلى الله
عليه
وسلم في الجنة والإقامة بجواره .
فينبغي لأولي الألباب أن يختصروا المسافات في نيل العلى من الدرجات
بالبحث
والتفتيش عن أيتام يقومون برعايتهم أو يساهمون في بناء دور تأوي
الأيتام
أو يعينون بما يملكون من وسائل مادية لخدمة هذه الديار ،وبمن يجاورون
بلدانا شتتها الحروب أن ينظروا بعين الرحمة لليتامى هناك الذين لا
يعلم
معاناتهم إلا الله كإخواننا في فلسطين الجريحة .
أو ربما يكون بجوارهم أرملة ترعى أيتاما فيعينونها على ذلك روى
البخاري عن
صفوان بن سليم يرفعه إلى النبي صلى الله عليهوسلم قال :"الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي
يصومالنهار ويقوم الليل." .
الفوائد
:
1-دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كفالة اليتامى
.
2-كفالة اليتامى جهاد بغير شوكة .
3-وثوابه ثواب الصائم القائم .
4-ومنزلة كافل اليتيم بجوار النبي صلى الله عليه وسلم
.
5-خير الأعمال ما كان يفرج هما أو يعين على نوائب الدهر
.
للعبرة والإيناس
: عن أبي الدرداء رضي
الله عنه قال: (
أتى النبي صلى
الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟ قال: أتحب أن يلين
قلبك وتدرك
حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك
حاجتك
) رواه الطبراني وقال الألباني حسن لغيره . انظر صحيح الترغيب والترهيب
2/676.
لكل يتيم : كفاك
أن تستأنس بيتم نبيك
عليه الصلاة والسلام ، فتذكر أن نبي الله وخليله
وحبيبه صلى الله
عليه وسلم عاش يتيم الأبوين ، فاصبر والتجأ إلى الله فسوف
يأويك كما آواه
ويعطيك كما أعطاه .
تنبيه : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ{9}."
الضحى ، احذر
أخي قد تنهر يتيما
أو يتيمة في هذا المنتدى من غير أن تشعر ، فكم من عضو
بيننا هو يتيما ولا
تعلم بحاله ، فاحذر من نهره بالردود المسيئة إليه أو
التعليق المشين أو
غيرها من الكلمات التي تجرح بخاطره ، ولو تعلم أخي ما
لك من ثواب حينما
تدخل في قلبه سرورا حينما يجد في كلماتك حنانا ربما
يفتقده أو عطفا
ورحمة هو بأمس الحاجة إليها .
فإن كان قد فاتتك
كفالة اليتيم المادية فاظفر بالكفالة المعنوية بالكلمة الطيبة وهي لا تقل ثوابا
عنها .
وفقنا الله جميعا
لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال .
فاللهم أرحم يتامى
المسلمين في فلسطين وفي سائر بلاد المسلمين آويهم كما
آويت المصطفى الأمين
وسخر لخدمتهم من عبادك الصالحين وبلغ من يخدمهم ما
وعدهم به نبيك
الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
وصل اللهم على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين